صفحه ٥٥٤

قَاصِرٍ، وَکِتَابٌ غَیْرُ مُغَادِرٍ. وَنُوْمِنُ بِهِ إیمَانَ مَنْ عَایَنَ الْغُیُوبَ، وَوَقَفَ عَلَى الْمَوْعُودِ، إیماناً نَفَى إخْلاَصُهُ الشِّرْکَ، وَیَقِینُهُ الشَّکَّ. وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِیکَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهَادَتَیْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ، وَتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ. لا یَخِفُّ مِیزَانٌ تُوضَعَانِ فِیهِ، وَلا یَثْقُلُ مِیزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ.
بخش دوم صفحه 565
أُوصِیکُمْ، عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ الَّتی هِیَ الزَّادُ وَبِهَا الْمَعَاذُ: زَادٌ مُبْلِغٌ، وَمَعَاذٌ مُنْجِحٌ. دَعَا إلَیْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ، وَوَعَاهَا خَیْرُ وَاعٍ. فَأَسْمَعَ دَاعِیهَا، وَفَازَ وَاعِیَها.
عِبَادَ اللهِ، إنَّ تَقْوَى اللهِ حَمَتْ أَوْلِیَاءَ اللهِ مَحَارِمَهُ، وَأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَهُ، حَتَّى أَسْهَرَتْ لَیَالیَهُمْ، وَأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ. فَأَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ، والرِّیَّ بِالظَّمَاءِ؛ وَاسْتَقْرَبُوا الْأَجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ، وَکَذَّبُوا الْأَمَلَ فَلاَحَظُوا الْأَجَلَ.
بخش سوم صفحه 571
ثُمَّ إنَّ الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ وَعَنَاءٍ، وَغِیَرٍ وَعِبَرٍ؛ فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ، لا تُخْطِىءُ سِهَامُهُ، وَلا تُوْسَى جِرَاحُهُ. یَرْمِی الْحَیَّ بِالْمَوْتِ، وَالصَّحِیحَ بِالسَّقَمِ، وَالنَّاجِیَ بِالْعَطَبِ. آکِلٌ لا یَشْبَعُ، وَشَارِبٌ لا یَنْقَعُ. وَمِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَالایَأْکُلُ وَیَبْنِی مَالایَسْکُنُ،ثُمَّ یَخْرُجُ إلَى اللهِ تَعَالَى لا مَالاً حَمَلَ، وَلابِنَاءً نَقَلَ! وَمِنْ غِیَرِهَا أَنَّکَ تَرَى الْمَرحُومَ مَغْبُوطاً، وَالْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً؛ لَیْسَ ذلِکَ إلاَّ نَعِیماً زَلَّ، وَبُوْساً نَزَلَ. وَمِنْ عِبَرِهَا أَنَّ المَرْءَ یُشْرِفُ عَلَى أَمَلِهِ فَیَقْتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ. فَلا أَمَلٌ یُدْرَکُ، وَلا مُوَمَّلٌ یُتْرَکُ. فَسُبْحَانَ اللهِ مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا! وَأَظْمَأَ رِیَّهَا! وَأَضْحَى فَیْئَهَا! لا جَاءٍ یُرَدُّ، وَلا مَاضٍ یَرْتَدُّ. فَسُبْحَانَ اللهِ، مَا أَقْرَبَ الْحَیَّ مِنَ المَیِّتِ لِلَحَاقِهِ بِهِ، وَأَبْعَدَ المَیِّتَ مِنَ الْحَیِّ لإنْقِطَاعِهِ عَنْهُ!