صفحه ٢٨٤

غَیِّبِیهِ عَنِّی، فَإِنِّی إِذَا نَظَرْتُ إِلَیْهِ ذَکَرْتُ الدُّنْیَا وَ زَخَارِفَهَا». فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْیَا بِقَلْبِهِ، وَ أَمَاتَ ذِکْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ، وَ أَحَبَّ أَنْ تَغِیبَ زِینَتُهَا عَنْ عَیْنِهِ، لِکَیْلا یَتَّخِذَ مِنْهَا رِیَاشآ، وَ لا یَعْتَقِدَهَا قَرَارآ، وَ لا یَرْجُو فِیهَا مُقَامآ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ، وَ أَشْخَصَهَا عَنِ آلْقَلْبِ، وَ غَیَّبَهَا عَنِ آلْبَصَرِ.
وَ کَذَلِکَ مَنْ أَبْغَضَ شَیْئآ أَبْغَضَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَیْهِ، وَ أَنْ یُذْکَرَ عِنْدَهُ.
بخش هفتم صفحه 331
وَ لَقَدْ کَانَ فِی رَسُولِ آللهِ (صلی الله علیه و آله) مَا یَدُلُّکَ عَلَى مَسَاوِىءِ الدُّنْیَا وَ عُیُوبِهَا: إِذْ جَاعَ فِیهَا مَعَ خَاصَّتِهِ، وَ زُوِیَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِیمِ زُلْفَتِهِ.
فَلْیَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ: أَکْرَمَ آللهُ مُحَمَّدآ بِذَلِکَ أَمْ أَهَانَهُ! فَإِنْ قَالَ: أَهَانَهُ، فَقَدْ کَذَبَ ـ وَ آللهِ آلْعَظِیمِ ـ بِالْإِفْکِ آلْعَظِیمِ، وَ إِنْ قَالَ: أَکْرَمَهُ، فَلْیَعْلَمْ أَنَّ آللهَ قَدْ أَهَانَ غَیْرَهُ حَیْثُ بَسَطَ الدُّنْیَا لَهُ، وَ زَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ. فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِیِّهِ، وَ آقْتَصَّ أَثَرَهُ، وَ وَلَجَ مَوْلِجَهُ، وَ إِلاَّ فَلا یَأْمَنِ آلْهَلَکَةَ، فَإِنَّ آللهَ جَعَلَ مُحَمَّدآ (صلی الله علیه و آله) عَلَمآ لِلسَّاعَةِ، وَ مُبَشِّرآ بِالْجَنَّةِ، وَ مُنْذِرآ بِالْعُقُوبَةِ. خَرَجَ مِنَ الدُّنْیَا خَمِیصآ، وَ وَرَدَ آلاْخِرَةَ سَلِیمآ. لَمْ یَضَعْ حَجَرآ عَلَى حَجَرٍ، حَتَّى مَضَى لِسَبِیلِهِ، وَ أَجَابَ دَاعِیَ رَبِّهِ. فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ آللهِ عِنْدَنَا حِینَ أَنْعَمَ عَلَیْنَا بِهِ سَلَفآ نَتَّبِعُهُ، وَ قَائِدآ نَطَأُ عَقِبَهُ! وَ آللهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِی هذِهِ حَتَّى آسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَاقِعِهَا. وَ لَقَدْ قَالَ لِی قَائِلٌ: أَلا تَنْبِذُهَا عَنْکَ؟ فَقُلْتُ: آغْرُبْ عَنِّی، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ یَحْمَدُ آلْقَوْمُ السُّرَى!