صفحه ١٧٢

آلْخَلْقَ عَلَى غَیْرِ تَمْثِیلٍ، وَ لا مَشُورَةِ مُشِیرٍ، وَ لا مَعُونَةِ مُعِینٍ، فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ، وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ، فَأَجَابَ وَ لَمْ یُدَافِعْ، وَ آنْقَادَ وَ لَمْ یُنَازِعْ.
بخش دوم صفحه 181
وَمِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ، وَ عَجَائِبِ خِلْقَتِهِ، مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ آلْحِکْمَةِ فِی هذِهِ آلْخَفَافِیشِ الَّتِی یَقْبِضُهَا الضِّیَاءُ آلْبَاسِطُ لِکُلِّ شَیْءٍ، وَ یَبْسُطُهَا الظَّلامُ آلْقَابِضُ لِکُلِّ حَیٍّ؛ وَ کَیْفَ عَشِیَتْ أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ آلْمُضِیئَةِ نُورآ تَهْتَدِی بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا، وَ تَتَّصِلُ بِعَلانِیَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا. وَ رَدَعَهَا بِتَلَأْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ آلْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا، وَ أَکَنَّهَا فِی مَکَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِى بُلَجِ آئْتِلاقِهَا، فَهِیَ مُسْدَلَةُ آلْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَى حِدَاقِهَا، وَ جَاعِلَةُ اللَّیْلِ سِرَاجآ تَسْتَدِلُّ بِهِ فِی آلْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا؛ فَلا یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ، وَ لا تَمْتَنِعُ مِنَ آلْمُضِیِّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ. فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا، وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا، وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى الضِّبَابِ فِی وِ جَارهَا، أَطْبَقَتِ اَلْأَجْفَانَ عَلَى مَآ قِیهَا، وَ تَبَلَّغَتْ بِمَا آکْتَسَبَتْهُ مِنَ آلْمَعَاشِ فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا. فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّیْلَ لَهَا نَهَارآ وَ مَعَاشآ، وَ النَّهَارَ سَکَنآ وَ قَرَارآ!
بخش سوم صفحه 187
وَ جَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ آلْحَاجَةِ إِلَى الطَّیَرَانِ، کَأَنَّهَا شَظَایَا آلاْذَانِ، غَیْرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَ لا قَصَبٍ، إِلاَّ أَنَّکَ تَرَى مَوَاضِعَ آلْعُرُوقِ بَیِّنَةً أَعْلامآ. لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا یَرِقَّا فَیَنْشَقَّا، وَ لَمْ یَغْلُظَا فَیَثْقُلا. تَطِیرُ وَ وَلَدُهَا لاصِقٌ بِهَا لاجِىءٌ إِلَیْهَا، یَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ، وَ یَرْتَفِعُ إِذَا آرْتَفَعَتْ، لا یُفَارِقُهَا حَتَّى تَشْتَدَّ أَرْکَانُهُ، وَ یَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ، وَ یَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَیْشِهِ، وَ مَصَالِحَ نَفْسِهِ. فَسُبْحَانَ آلْبَارِىءِ لِکُلِّ شَیْءٍ، عَلَى غَیْرِ مِثَالٍ خَلا مِنْ غَیْرِهِ!