صفحه ٥٣٤

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ، وَقَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِینِهِ؛ لا یَثْنِیهِ عَنْ ذلِکَ آجْتِمَاعٌ عَلَى تَکْذِیبِهِ، وَآلْتِمَاسٌ لاِِطْفَاءِ نُورِهِ.
بخش دوم صفحه 541
فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى آللهِ، فَإِنَّ لَهَا حَبْلاً وَثِیقاً عُرْوَتُهُ، وَمَعْقِلاً مَنِیعاً ذِرْوَتُهُ. وَبَادِرُوا آلْمَوْتَ وَغَمَرَاتِهِ، وَآمْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ: فإِنَّ آلْغَایَةَ آلْقِیَامَةُ؛ وَکَفَى بِذلِکَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ، وَمُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ! وَقَبْلَ بُلُوغِ آلْغَایَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِیقِ آلْأَرْمَاسِ، وَشِدَّةِ آلْإِبْلاسِ، وَهَوْلِ آلْمُطَّلَعِ، وَرَوْعَاتِ آلْفَزَعِ، وَآخْتِلافِ آلْأَضْلاعِ، وَآسْتِکَاکِ آلْأسْمَاعِ، وَظُلْمَةِ اللَّحْدِ، وَخیفَةِ آلْوَعْدِ، وَغَمِّ الضَّرِیحِ، وَرَدْمِ الصَّفِیحِ.
بخش سوم صفحه 545
فَاللهَ آللهَ عِبَادَ آللهِ! فَإِنَّ آلدُّنْیَا مَاضِیَةٌ بِکُمْ عَلَى سَنَنٍ، وَأَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ فِی قَرَنٍ. وَکَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا، وَأَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا، وَوَقَفَتْ بِکُمْ عَلَى صِرَاطِهَا. وَکَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ بِزَلازِلِهَا، وَأَنَاخَتْ بِکَلاکِلِهَا، وَآنْصَرَمَتِ آلدُّنْیَا بِأَهْلِهَا، وَأَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا، فَکَانَتْ کَیَوْمٍ مَضَى، أَوْ شَهْرٍ آنْقَضَى، وَصَارَ جَدِیدُهَا رَثّاً، وَسَمِینُهَا غَثًّا. فِی مَوْقِفٍ ضَنْکِ آلْمَقَامِ، وَأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ، وَنَارٍ شَدِیدٍ کَلَبُهَا، عَالٍ لَجَبُهَا، سَاطِعٍ لَهَبُهَا، مُتَغَیِّظٍ زَفِیرُهَا، مُتَأَجِّجٍ سَعِیرُهَا، بَعِیدٍ خُمُودُهَا، ذَاکٍ وُقُودُهَا، مَخُوفٍ وَعِیدُهَا، عَمٍ قَرَارُهَا، مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا، حَامِیَةٍ قُدُورُهَا، فَظیعَةٍ أُمُورُهَا. (وَسِیقَ الَّذِینَ آتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) قَدْ أُمِنَ آلْعَذَابُ، وَآنْقَطَعَ آلْعِتَابُ؛ وَزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ، وَآطْمَأَنَّتْ بِهِمُ آلدَّارُ، وَرَضُوا آلْمَثْوَى وَآلْقَرَارَ. الَّذِینَ کَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی آلدُّنْیَا زَاکِیَةً، وَأَعْیُنُهُمْ بَاکِیَةً، وَکانَ لَیْلُهُمْ فِی دُنْیَاهُمْ نَهَاراً، تَخَشُّعاً وَآسْتِغْفَاراً؛ وَکَانَ نَهَارُهُمْ لَیْلاً، تَوَحُّشاً وَآنْقِطَاعاً. فَجَعَلَ آللهُ لَهُمُ آلْجَنَّةَ مَآباً، وَآلْجَزَاءَ ثَوَاباً، (وَکانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا) فِی مُلْکٍ دَائِمٍ، وَنَعِیمٍ قَائِمٍ.